
بغض
النظر عن الإطار الأخلاقي و القانوني الذي يتحرك داخله المدافعون عن الدروس
الخصوصية، و الذين يبررون استشراءها في المشهد التعليمي بكونه ظاهرة صحية تهدف في
نهاية الأمر إلى تقوية التلاميذ الضعفاء، فإن انتقال الدرس الخصوصي من خانة العرض
القائم على التراضي إلى الابتزاز الرخيص الذي يرهن المسار الدراسي للتلميذ، يدفعنا
إلى إثارة السؤال مجددا حول نجاعة الوسائل التي اعتمدتها الوزارة الوصية لمواجهة
هذه الظاهرة .أمام ازدياد الطلب
الاجتماعي على التعليم، بالنظر إلى ارتباطه بسوق الشغل، اضطر عدد كبير من الأهالي
إلى دعم تعلمات أبنائهم عن طريق ولوج سوق الدروس الخصوصية أو ما يسميه الدكتور
سعيد إسماعيل علي بالتعليم في السوق الموازية. وكان للإقبال المتزايد آثاره
الجانبية التي أساءت في النهاية للمدرسة العمومية، وأرخت بظلال من الشك حول كفاءة
الأداء التعليمي داخل فصولنا الدراسية.إن كون المدرس أحد أسباب الإخفاق
الدراسي لهو أمرمنصوص عليه في الأدبيات التربوية الحديثة. ومرد ذلك إلى ضعف تأهيله
البيداغوجي، وغياب الحوافز التي تدفعه لتطوير أدائه ومسايرة المستجد التعليمي، مما
ينعكس سلبا على جودة التعلمات التي يحرزها التلميذ. أمام وضع كهذا يضطر العديد من
الأطفال إلى البحث عن معونة خارجية قد تنجح الأسرة في توفيرها إذا كان للأبوان
مستوى تعليمي لائق، أوإذا وُجد إخوة أكبر سنا. لكن في حال العكس تجد الدروس الخصوصية
مسوغا لتصبح عبئا ماليا إضافيا يرهق كاهل الأسر محدودة الدخل على وجه الخصوص. بيد
أن هذه الصيغة تلقى قبولا لدى عدد كبير من الأسر من منطلق أنها تتيح للطفل فرص
اكتساب تعلماته على يد مدرسين آخرين قد يملكون مهارات وإمكانات وحيزا زمنيا غير
متاح في حجرة الدرس، إضافة إلى أنها قائمة على التراضي في دفع أجر مقابل جهد.لكن الأمر يأخذ منحى مغايرا حين
يتعلق بتحايل متعمد ينهجه، للأسف الشديد، عدد غير قليل من المدرسين، ويتمثل
في عرض خدمات على المتعثرين دراسيا في الفصل مقابل أجر شهري، مع العلم أنه ملزم
بأداء هذه الخدمات في إطار الدعم والتقوية تحقيقا لمبدأ تكافؤ الفرص. وهنا في
الحقيقة يبدو التبرير الذي يسوقه البعض، والمتمثل في تقوية الضعفاء من التلاميذ
مستهجنا وغير مقبول مادام هناك بديل رسمي يتيح سد هذه الثغرات مجانا!
و يبلغ الاستهجان مداه حين يُحول بعض المدرسين حجراتهم الدراسية إلى فضاء للمساومات الرخيصة، وإلى الإبتزاز الصريح لتلاميذهم حين يعتبرون الدروس الخصوصية قنطرة لاجتياز الموسم الدراسي بسلام، فيضطر حتى أبناء البسطاء لإرهاق جيوب آبائهم. ولعل من المشاهد المؤلمة التي تنذر بهبوط مريع في العلاقات الإنسانية داخل المشهد التعليمي، أن يُنظر للأب الذي يُواظب على متابعة المشوار الدراسي لأبنائه على أنه صيد ثمين، يتلقفه المدرس ثم يعرض تقريرا "أسود" حول الثغرات والصعوبات الجمة التي تعترض مسار الطفل أو الطفلة، قبل أن يُبدي استعداده لمعالجتها إن وافق الأب طبعا على انضمام ابنه أو ابنته لكوكبة المتعاطين للدروس الخصوصية. وهنا يجد العديد من الآباء أنفسهم مُلزمين بتأمين مستقبل أبنائهم جبرا لا اختيارا!كان من تبعات هذا الابتزاز الخطير أن انهارت قيمة المدرس ووضعه الاعتباري ونبل رسالته، وبتنا نتابع ألوانا من الزراية به والتحقير من شأنه، بدءا بالنكتة ووصولا إلى العنف اللفظي والجسدي. إضافة إلى تلاشي قيم المثابرة و بذل الجهد، بعد أن تيسر النجاح بأقل تكلفة!
لا نملك إلا التوجس من مآل غير محمود بعد أن صار المدرس والأب، بل حتى النظام التعليمي، شركاء في تعميق الأزمة، وإطالة أمد العلاج
و يبلغ الاستهجان مداه حين يُحول بعض المدرسين حجراتهم الدراسية إلى فضاء للمساومات الرخيصة، وإلى الإبتزاز الصريح لتلاميذهم حين يعتبرون الدروس الخصوصية قنطرة لاجتياز الموسم الدراسي بسلام، فيضطر حتى أبناء البسطاء لإرهاق جيوب آبائهم. ولعل من المشاهد المؤلمة التي تنذر بهبوط مريع في العلاقات الإنسانية داخل المشهد التعليمي، أن يُنظر للأب الذي يُواظب على متابعة المشوار الدراسي لأبنائه على أنه صيد ثمين، يتلقفه المدرس ثم يعرض تقريرا "أسود" حول الثغرات والصعوبات الجمة التي تعترض مسار الطفل أو الطفلة، قبل أن يُبدي استعداده لمعالجتها إن وافق الأب طبعا على انضمام ابنه أو ابنته لكوكبة المتعاطين للدروس الخصوصية. وهنا يجد العديد من الآباء أنفسهم مُلزمين بتأمين مستقبل أبنائهم جبرا لا اختيارا!كان من تبعات هذا الابتزاز الخطير أن انهارت قيمة المدرس ووضعه الاعتباري ونبل رسالته، وبتنا نتابع ألوانا من الزراية به والتحقير من شأنه، بدءا بالنكتة ووصولا إلى العنف اللفظي والجسدي. إضافة إلى تلاشي قيم المثابرة و بذل الجهد، بعد أن تيسر النجاح بأقل تكلفة!
لا نملك إلا التوجس من مآل غير محمود بعد أن صار المدرس والأب، بل حتى النظام التعليمي، شركاء في تعميق الأزمة، وإطالة أمد العلاج
حميد بنخيبش
المصدر :موقع الشاوية بريس
0 التعليقات :
إرسال تعليق